٠٣ ربيع الأول ١٤٤٧هـ - ٢٦ أغسطس ٢٠٢٥م
الاشتراك في النشرة البريدية
عين دبي
المال والأعمال | الثلاثاء 26 أغسطس, 2025 1:02 مساءً |
مشاركة:

كي بي إم جي:المملكة العربية السعودية تُسرِّع وتيرة التحول نحو حكومة رقمية موحدة

حققت المملكة العربية السعودية خلال الأعوام الأخيرة قفزات نوعية في مجال الحوكمة الرقمية، مدفوعة برؤية طموحة تهدف إلى تحديث الخدمات الحكومية وجعلها أكثر ذكاءً وسرعةً وسهولةً في الاستخدام.

 

وتُعد هذه الرؤية محور أجندة التحول الرقمي الأوسع نطاقًا في المملكة، وهي أولوية وطنية تهدف إلى تحسين جودة الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين وفي قطاعات الأعمال، إلى جانب تعزيز كفاءة العمليات الحكومية. 

 

وفي هذا السياق، سلّط تقرير جديد صادر عن شركة كي بي إمجي الضوء على حجم الإنجازات المحققة، والتحديات المترافقةلها، بالإضافة إلى خارطة طريق نحو بناء منصة حكومية موحدة من شأنها أن تُعيد تعريف طريقة تفاعل الأفراد مع الخدمات العامة.

 

توثيق التقدم المحرز:

 

تقود هيئة الحكومة الرقمية مسيرة التحول الرقمي في المملكةالعربية السعودية، حيث تقوم بتقييم دقيق للمنصات الحكومية من خلال "مؤشر نضج التجربة الرقمية" حيث حقق المؤشر نتيجة مميزة بلغت 85.04%؛ في عام 2024م؛ وهوما يعكس الجودة العالية لتجربة المستخدم عبر 39 منصة تمَّ تقييمها، وهوارتفاع ملحوظ عن 24 منصة فقط في عام 2023م.

 

وفي هذا السياق، صرّح أنس أبو صلاح، مدير تنفيذي في استشارات تجربة العملاء في كي بي إم جي الشرق الأوسط ،قائلا:"إنّ الأمر يتجاوز مجرد بناء مواقع، أو تطبيقات؛ بل هو تعزيز التفاعل بين الحكومة والمواطنين، عبر تقديم خدمات سلسة،وميسرة لدرجة، لتصبح جزءًا من حياتهم اليومية".

 

وقد أثمرت هذه الجهود بالفعل عن نتائج إيجابية، حيث أحدثت المنصات، مثل: "أبشر"، و"توكلنا"، و"مساند"، نقلة نوعية في مختلف جوانب الحياة، بدءًا من الهويات الرقمية، وصولًا إلى السجلات الصحية وخدمات العمالة، كما حققت المملكة إنجازًا عالميًا بتقدمها إلى المركز الرابع في "مؤشر الأمم المتحدة العام لتطور الحكومة الإلكترونية"، متفوقة على العديد من الاقتصادات المتقدمة.

 

تحدّي التجزئة:

 

على الرغم من الأداء المتميز لهذه المنصات بشكل فردي، فإنَّنجاحها يكشف عن قضية جوهرية تتمثل في تجزؤ الخدمات،ففي عام 2021، كانت المملكة تمتلك 817 منصة حكومية رقمية مختلفة، لكل منها خدماتها وواجهاتها الخاصة، ورغم أنَّ هذا التنوع يعكس تفاعلًا رقميًا قويًا، إلا أنَّه يؤدي إلى تكرار الخدمات، وتضارب في تجربة المستخدم، وحدوث الإرباك لدى المستخدمين.

 

وأوضح أبو صلاح: "عندما تتعدد نقاط التواصل دون وجود تنسيق بينها، فإنك تخلق تعقيدًا لا داعي له، فالنهج الموحد لن يوفر الوقت والموارد فحسب، بل سيعزز مرونة النظام وأمنه ككل".

 

ويذكر التقرير تجربة إستونيا كنموذج رائد في هذا المجال، حيث تدير البلاد، التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة، جميع خدماتها الحكومية عبر منصة رقمية واحدة، "X-Road"؛ ما يمكّن المواطنين من إتمام جميع معاملاتهم الرسمية تقريبًا عبر الإنترنت.

 

فرص واعدة لمنصة موحدة:

 

يستعرض تقرير كي بي إم جي رؤية طموحة لـ "حكومة متكاملة"، تقوم على منصة موحدة تجمع بين التحقق من الهوية، وتقديم الخدمات، وتبادل البيانات بشكل آمن، وسيتيح هذا النظام للمواطنين إتمام جميع معاملاتهم، بدءًا من تجديد جواز السفر،ووصولًا إلى تسديد الفواتير، بمجرد تسجيل الدخول لمرة واحدة؛ ما يُغني عن تكرار الخطوات، أو إعادة إدخال المعلومات.وتتمثل أبرز فوائد هذه المنصة في:

 

نافذة واحدة للجميع تتيح الوصول إلى جميع الخدمات من منصة واحدة.

 

تسريع المعاملات عبر التخلص من تكرار إدخال البيانات والتحقق منها.

 

أمان معزز من خلال تطبيق إجراءات أمنية مركزية مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

 

تحسين عملية صياغة سياسات أكثر فعالية بالاعتماد على تحليلات دقيقة لرؤى البيانات المجمعة، والمجهولة المصدر.

 

وتُظهر التجارب العالمية الرائدة، مثل: منصة LifeSG في سنغافورة وBorger.dk في الدنمارك، كيف أن توحيد نقاط الوصول وتصميمها يمكن أن يؤدي إلى تعزيز رضا المستفيدين، وخفض التكاليف، وتقليل البيروقراطية.

 

العنصر البشري:

 

لا يمكن للتكنولوجيا وحدها أن تحقق هذه المنافع؛ إذ يؤكد التقرير أنَّ كفاءة القوى العاملة، والتحول الثقافي لا يقلان أهمية،ويتطلب ذلك رفع مستوى مهارات الموظفين في مجالات حيوية:مثل: الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتصميم تجربة العملاء، وإدارة البيانات.

 

وفي هذا الصدد، يقول أبو صلاح: "لا يكفي امتلاك أفضل الأدوات، بل ينبغي أن يكون لديك أشخاص يعرفون كيف يستخدمونها لخدمة الجمهور بفعالية، الأمر يتعلق ببناء ثقافة يرى فيها الموظفون الحكوميون أنفسهم مصممين للخدمات، ومبدعين في حلِّ المشكلات، وقادرين على الابتكار".

 

ولضمان انتقال سلس إلى النظام الموحد، توصي شركة كي بيإم جي ببرامج تدريب شاملة، وتفعيل قنوات مستمرة لتلقي آراء المواطنين، بالإضافة إلى إدارة التغيير بشكل استباقي.

 

مواجهة تحديات الأمن والثقة:

 

يُعدّ الأمن حجر الزاوية في الحوكمة الرقمية، ويدعو التقرير إلى وضع معايير وطنية واضحة لحماية البيانات، وتشفيرها، والمصادقة عليها، ويشمل ذلك تبني بنية انعدام الثقة (zero-trust architecture)، وتفعيل المصادقة متعددة العوامل، والمراقبة الفورية للتهديدات للحماية من المخاطر السيبرانية.

 

كما أن الثقة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالشفافية؛ فإشراك المواطنين بشكل استباقي، عبر المشاورات والحوارات، وورش عمل التصميم المشترك، والتواصل المفتوح، يضمن أن تعكس المنصة الموحدة الاحتياجات الحقيقية وتكسب ثقة الجمهور.

 

ستة عوامل استراتيجية للتمكين:

 

حددت شركة كي بي إم جي ستة محاور استراتيجية مترابطة، ستكون بمثابة المحرك الأساسي لعملية التحول، وهي:

 

1. تصميم الخدمات التي تتمحور حول المواطن: لجعل الخدمات شاملة وسهلة الاستخدام، وفي متناول الجميع.

 

2. البنية التحتية التقنية والتكامل: بناء بنية تحتية رقمية آمنة وقابلة للتطوير.

 

3. الحوكمة وأمن البيانات: فرض معايير صارمة لضمان المساءلة وحماية البيانات.

 

4. كفاءة القوى العاملة والتحول الثقافي: تزويد الموظفين بالمهارات اللازمة للمستقبل.

 

5. القيادة الاستراتيجية وإدارة التغيير: توجيه عملية الإصلاح من المستويات العليا لضمان تحقيق الأهداف.

 

6. إشراك المواطنين والشفافية: ضمان أن يكون لصوت الجمهور دور محوري في صياغة الحلول.

 

خارطة المستقبل:

 

سيمر التحول عبر مراحل عديدة، تبدأ بوضع الأسس القوية (المواءمة، والحوكمة، والهوية الموحدة)، ثم الانتقال إلى مرحلة التكامل والابتكار (التخصيص القائم على الذكاء الاصطناعي، والخدمات القائمة على إنترنت الأشياء)، وصولاً إلى الحوكمة التنبئية باحتياجات المواطنين والعمل على توفيرها قبل التعبير عنها.

 

تتمحور الرؤية في مرحلتها النهائية حول بناء حكومة استباقية بالكامل، حيث تقدم الخدمات بالوقت الفعلي، وتُعالج المشكلات قبل وقوعها، وتتكامل التفاعلات بسلاسة عبر كافة القنوات.

 

رؤية تتجاوز الحدود الجغرافية:

 

إنَّ سعي المملكة العربية السعودية نحو حكومة رقمية موحدة، ليس مجرد خطوة لتحقيق الرفاهية، بل هو طموح نحو الريادة العالمية؛فمن خلال تبني أفضل الممارسات المطبقة في دول مثل: دولة إستونيا وسنغافورة والدنمارك وفنلندا، تستطيع المملكة أن تضع نفسها كمعيار عالمي للحوكمة للأجيال القادمة.

 

وتعليقاً على التقرير، أكد إسماعيل دحام العاني، شريك ورئيس القطاع الحكومي والعام في كي بي إم جي الشرق الأوسط، قائلاً:  "شرعت المملكة العربية السعودية في رحلة تحولية نحو حكومة رقمية مترابطة وموحدة، مدفوعةً بالأهداف الطموحة لرؤية 2030. وهذا التحول يعمل على تعزيز العلاقة بين المواطن والحكومة، مُقدمًا تجارب سلسة واستباقية مع كل معاملة، بدءًا من تجديد الهوية ووصولًا إلى الخدمات العامة الأساسية".

 

كما تشتمل الإمكانات الهائلة على تبسيط الخدمات العامة، تقليل التكاليف التشغيلية، تحسين نتائج السياسات، وتقديم تجربة للمواطن تتسم بالخصوصية والكفاءة والأمان. لكن تحقيق هذه الرؤية يتطلَّب، إلى جانب الاستثمار في التكنولوجيا، التزامًا راسخًا بالتعاون وتطبيق المعايير، ووضع التصميم الذي يركز على الإنسان في مقدمة الأولويات.

 

(انتهى)

 

مشاركة:
طباعة
اكتب تعليقك
إضافة إلى عين دبي
أخبار متعلقة
الأخبار المفضلة