يعد تغير المناخ القضية الحاسمة في عصرنا، ونحن الآن أمام منعطف مصيري، ففي عام 2024، سجلت درجات الحرارة العالمية أعلى مستوى لها على الإطلاق، بزيادة قدرها نحو 1.55 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، نتيجة أكثر من قرن من حرق الوقود الأحفوري كالنفط والغاز، والاستخدام غير المتكافئ أو غير المستدام للطاقة والأراضي. وأدى ذلك إلى زيادة وتيرة وشدة الظواهر الجوية المتطرفة، التي خلّفت آثاراً متزايدة الخطورة على الطبيعة والبشر في مختلف مناطق العالم، حيث سجلت قاعدة بيانات الأحداث الطارئة (EM-DAT) عام 2024، 393 كارثة مناخية كبرى حول العالم، تسببت في خسائر اقتصادية تجاوزت 242.95 مليار دولار أمريكي، وأودت بحياة 16,753 شخص، وأثرت على أكثر من 167 مليون آخرين.
وأثبتت تقارير علمية حديثة صادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن النشاط البشري مسؤول بالكامل عن مجمل الاحترار العالمي خلال المئتي عام الماضية، إذ تتسبب الأنشطة البشرية في انبعاث غازات الدفيئة التي ترفع حرارة الكوكب بوتيرة غير مسبوقة منذ ألفي عام على الأقل. وتشير توقعات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الى احتمال بنسبة 80% أن يكون عام واحد على الأقل بين عامي 2025 و2029 أكثر دفئاً من أعلى عام مسجل (2024). ووفقاً للتقرير، هناك أيضاً احتمال بنسبة 70% أن يتجاوز متوسط الاحترار 1.5 درجة مئوية خلال الفترة ذاتها.
علاوةً على ذلك، شهدت منطقة الشرق الأوسط تحديات ملحوظة في الآونة الأخيرة نتيجة الارتفاع الشديد في درجات الحرارة والطلب المتزايد على حلول التبريد. ويبرز تبريد المناطق كحل فعّال يوفر فائدة مزدوجة؛ إذ يسهم في خفض استهلاك الكهرباء، مما يقلل الاعتماد على توليد الطاقة من الوقود الأحفوري، وبالتالي يحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بما يدعم أهداف الاستدامة في المنطقة.
وفي ظل هذه التغيرات المناخية، تبرز الحاجة الماسّة إلى تحسين أنظمة التبريد والابتعاد عن التكييف التقليدي الذي يُعد واحداً من العوامل الرئيسية المفاقمة لاستهلاك الطاقة والانبعاثات. وفي هذا الإطار، يمثل تبريد المناطق الخيار البيئي الأمثل، إذ أنه يستهلك طاقة أقل بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بأنظمة التبريد التقليدية، مما يساهم في خفض مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. كما أن اعتماد حلول تبريد المناطق يسهم بشكل مباشر في دعم أهداف الاستدامة الوطنية والإقليمية، ويتيح استغلال الموارد بطريقة أكثر كفاءة بما يتماشى مع استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050 وخططها الطموحة في مجال الطاقة النظيفة والمستدامة، حيث تسعى دولة الإمارات لتكون نموذجاً عالمياً في التحول إلى حلول منخفضة الكربون ومبتكرة تواكب التطورات العالمية، ما يعزز القدرة على مواجهة الاحتياجات المستقبلية في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. كما يسهم تبريد المناطق في حماية البيئة والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
يعتبر نظام تبريد المناطق حلاً مستداماً وموثوقاً وفعالاً من حيث استهلاك الطاقة، حيث يمكن لمحطة تبريد واحدة أن تخدم آلاف المتعاملين في مناطق متعددة، وهو ما يتعذر تحقيقه عبر أنظمة التكييف التقليدية لكل مبنى على حدة، إذ تصل دورة حياة محطة تبريد المناطق إلى ما بين 30 و40 عاماً، مقارنةً بنحو 15 عاماً كحد أقصى لأنظمة التكييف التقليدية، والذي يحقق جميع مُتطلبات التبريد، فضلاً عمَّا يمتاز به من الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة وخفض تكاليف التشغيل والصيانة.
وتشير التقديرات إلى أن قيمة سوق تبريد المناطق العالمي قد بلغت نحو 26.79 مليار دولار أمريكي في 2024، مع توقعات بالوصول إلى 28.35 مليار دولار في 2025، وتحقيق معدل نمو سنوي مركب يبلغ 7.87% حتى 2032. هذا النمو مدفوع بزيادة الطلب على حلول التبريد المستدامة في المدن والمناطق الحضرية، ولاسيما في ظل موجات الحر القياسية التي شهدها العالم خلال عامي 2024 و2025. ويعزز ذلك دور "إمباور" كمساهم رئيسي في تسريع التحول إلى تقنيات تبريد منخفضة الكربون.