بعد أربعة أيام حافلة بالنشاطات الثقافية والفنية، واللقاءات مع الناشرين والمفكرين والمؤلفين، اختتمت هيئة الشارقة للكتاب مشاركتها في معرض باريس الدولي للكتاب، والذي تحرص على المشاركة فيه سنوياً، باعتباره الأهم في جنوب وغرب القارة الأوروبية، نظراً لكونه يقام في واحدة من أعرق دول العالم ثقافة، وأكثرها اهتماماً بالإنتاج المعرفي والفكري.
وشكلّت زيارة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إلى جناح هيئة الشارقة للكتاب، الحدث الأبرز في مشاركتها المتميزة هذا العام، حيث استقبل سموه في جناح الهيئة عدداً من كبار الضيوف من السفراء والناشرين والمثقفين العرب والأجانب، الذين تعرفوا على جانب من مشاريع الشارقة الثقافية، واطلعوا على بعض مبادراتها الرامية إلى تعزيز الحوار بين الثقافات.
وقال سعادة أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب: "يعتبر معرض باريس الدولي للكتاب من أهم المعارض التي نشارك فيها بشكل منتظم، نظراً لما يشهده من حضور رسمي ودبلوماسي كبير، وتواجد من النخب الثقافية في الجمهورية الفرنسية، وهو ما يمنحنا فرصة مثالية لتسليط الضوء على رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حول ضرورة التواصل بين مختلف الشعوب والثقافات".
وأكد العامري أن جناح الهيئة في المعرض لا يقتصر على عرض مشاريعها ومعارضها ومهرجاناتها فحسب، بل يتسع ليمثل الجهات والمؤسسات الثقافية في إمارة الشارقة، ومن بينها دائرة الثقافة والإعلام، ومنشورات القاسمي، ومجموعة كلمات، ومشروع ثقافة بلا حدود، ويتيح للزوار فرصة الحصول على أحدث إصدارات هذه المؤسسات الصادرة باللغة العربية والمترجمة إلى الفرنسية والإنجليزية.
وشهد الجناح إقبالاً لافتاً من قبل الزوار، الذين توجهوا إليه للتعرف على خدمات ومشاريع الهيئة، واستفسر الناشرون من بينهم عن كيفية حجز المساحات التي يرغبون بها في الدورة المقبلة من معرض الشارقة الدولي للكتاب، إضافة إلى تزويدهم بمعلومات عن منحة الترجمة التي تقدمها الهيئة ضمن برنامج الترجمة وصندوق منح الترجمة المدعوم من حكومة الشارقة، والهادف إلى تطوير حركة الترجمة، وتعزيز الثقافة في جميع أنحاء العالم.
وعلى هامش مشاركة الهيئة في معرض باريس، قام الوفد المشارك الذي تضمن كل من، هند لينيد، مدير إدارة المعارض والفعاليات، ومحمد مهدي تنفيذ محتوى وبر امج في الهيئة، بزيارة المكتبة الوطنية في باريس التي تمتلك أكثر من 125 ألف مخطوط عربي وإسلامي، من أبرزها المخطوطات العربية المصورة كمقامات الحريري التي رسمها الواسطي ومخطوطات كليلة ودمنة إلى جانب مخطوطات الفروسية والطب والفلك والجغرافيا وغير ذلك من أفرع العلوم النظرية والتطبيقية، وذلك لبحث سبل التعاون المشترك وتنظيم المعارض الكبرى التي يتم من خلالها استضافة أندر الكتب والمخطوطات التي تقتنيها المكتبة لعرضها على الجمهور والمختصين والباحثين في الشارقة.
وقالت هند لينيد: "سيساهم مثل هذا المعرض المتوقع الاتفاق على تنظيمه في غضون الفترة المقبلة، في تمكين الباحثين والطلبة والمهتمين وحتى أفراد الجمهور في إمارة الشارقة ودولة الإمارات والمنطقة من اكتشاف نفائس المخطوطات العربية والإسلامية التي جمعتها المكتبة الوطنية الفرنسية على مدار عدة قرون عن طريق التجار والرحالة والدبلوماسيين الفرنسيين في البلاد العربية والإسلامية، والتي يقدر عددها بأكثر من 7000 مخطوط".
كما زار الوفد المشارك معهد العالم العربي في باريس وتفقد الأقسام المختلفة للمعهد والذي كان من أبرزها متحف المقتنيات والمكتبة الكبرى وصالة العروض والفعاليات، وبحث سبل التعاون المشترك مع المعهد في الشأن الثقافي وفي تنظيم فعاليات مشتركة بين الهيئة والمعهد سواء في باريس أو في الشارقة.
ونظمت هيئة الشارقة للكتاب في جناحها بالمعرض، ورش عمل متنوعة في الخط العربي، لمختلف محبي هذا الفن العريق من زوار المعرض. وقد شهدت هذه الورش اهتماماً من جميع الجنسيات، بما في ذلك غير الناطقين باللغة العربية، والذين سحرهم جمال الخط العربي، ووقفوا دقائق طويلة أمام اللوحات المعروضة محاولين اكتشاف معانيها، فيما تشجع البعض منهم وحاول إظهار مهاراته في تقليد اللوحات وإعادة رسم الحروف بطريقته الخاصة.
وكانت هيئة الشارقة للكتاب قد بدأت عملها في ديسمبر 2014، بهدف تشجيع الاستثمار في الصناعات الإبداعية وزيادة حصتها، وتوفير منصة فكرية للتبادل المعرفي والفكري والثقافي بين الشعوب والحضارات والثقافات، والتأكيد على أهمية الكتاب وأثره في نشر الوعي في المجتمع في ظل التطور التقني وتنوع مصادر المعرفة، واستقطاب المعنيين بقطاع الثقافة بوجه عام والنشر والطباعة والترجمة والتوثيق بوجه خاص إضافة إلى كُتّاب الأطفال.